ندوة ثقافية عربية للمكتب الاعلامى الكويتى فى تونس تدعو الى مواكبة عصر العولمة

 

 
 

      دعت نخبة من المثقفين العرب فى ندوة ثقافية عربية اقامها المكتب الاعلامى الكويتى بتونس بالتعاون مع الجمعية التونسية للدراسات الدولية هنا الى الاصلاح الشامل فى البلدان العربية لمواكبة عصر العولمة المفروضة على سائر المجتمعات بحكم التغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم.

واكد المتحدثون فى الندوة ومن بينهم رئيس تحرير مجلة (العربي) الدكتور سليمان العسكرى بحضور سفير الكويت لدى تونس الدكتور سهيل خليل شحيبر ومدير المكتب الاعلامي خالد الخلفان وعدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة وكبار المسؤولين ورجال الفكر والثقافة والاعلام على اهمية دور المثقف العربى فى النهوض بالثقافة والفكر العربي لمواجهة التحديات العديدة والمتنوعة لنظام العولمة والمشاركة الحقيقية في الحقبة التاريخية الحالية والمقبلة للبشرية.

وابرز الدكتور العسكرى فى محاضرة بعنوان (الثقافة العربية في مواجهة عصر العولمة) الازمات العديدة والمتنوعة التى تعانى منها الثقافة العربية والتى شكلت متجمعة عائقا امام مواكبة العولمة مشيرا بالخصوص الى الازمة فى فكر اللغة والابداع الثقافى وفى الفكر الدينى وفكر القيم ومعالجة التراث.

واكد ان الفكر العربى "كما بدا واضحا من خلال المشاركة العربية فى معرض فرانكفورت الاخير للكتاب لايشارك فى معركة الحداثة ولا فى انتاج المعرفة مكتفيا بعرض بعض الملامح الرئيسية للازمة التى تعانى منها الثقافة العربية فى العصر الحالي".

كما اوضح العسكرى ان المبدع العربى يعانى الكثير من القيود النابعة من الداخل والخارج وكذلك من ذات المثقف والمبدع العربى نفسه داعيا الى عدم الاستسلام ومواصلة الاصلاح ومحاولة التغلب على تلك القيود.

واكد ان تطور تكنولوجيا المعلومات تتيح للمبدع العربى فرصة نادرة لم تشهدها البشرية من قبل ليتحرر من سطوة المكان ويتواصل مع الفنون العالمية من منابعها مع حرص المثقف العربى على ان لايغترب بعقله وهو يستخدم هذه الادوات بل عليه ان يتواصل مع تراثه ولا ينقطع عنه حتى ولو تمرد على اللغة التقليدية والقيم السائدة.

- وشدد على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق المبدع العربى فى النهوض بالذوق العام مشيرا الى ان معركة الثقافة العربية فى زمن العولمة هى معركة ليست فقط من اجل التجدد والتطور ولكن من اجل اثبات الوجود اولا .

وحذر رئيس تحرير مجلة (العربى) من ان ضياع الثقافة العربية او تهميشها يعنى الغاء الاضافة العربية لمجمل التاريخ البشرى ويعنى ايضا ان الكاس التى كنا نشرب فيها قد تحطمت ولم يبق منها سوى الشظايا.

من ناحيته دعا رئيس الجمعية التونسية للدراسات الدولية والمفكر التونسى خليفة شاطر فى المحاضرة المثقفين والمفكرين العرب الى الابتعاد عن الخطاب اللغوى الحماسى والعاطفى فى التعامل مع واقع العولمة المفروض حاليا موضحا ان العولمة ليست مؤامرة خارجية ضد العرب والمسلمين كما يصورها الكثير من المثقفين العرب بل هى نتاج فكر بشرى بابعاده المختلفة على مر القرون وتمازج الثقافات والحضارات الانسانية.

واكد شاطر ضرورة الابتعاد عن النظريات التامرية وتحميل الغير المسؤولية فى الازمات التى تتخبط فيها الثقافة العربية داعيا الى الاصلاح فى جميع الميادين للمشاركة الحقيقية فى العولمة ووضع البصمة الثقافية والحضارية العربية فى النظام العالمى الجديد المفروض بمكوناته المعنوية والمادية المختلفة.

وحاول الكاتب والمفكر الدكتور عبد الله تركمانى فى محاضرة بعنوان (اشكاليات الثقافة العربية فى زمن متغير) تشخيص هذه الاشكاليات الرئيسية التى تعيق النهضة الفكرية فى العالم العربى .

واشار الى ان الثقافة العربية السائدة تمر بمرحلة انحطاط وردة واضحتين نتيجة الخطاب القائم على الماضى الذى ادى الى تصاعد نزعات التعصب والتطرف مما جعل المجتمعات العربية غير قادرة على انتاج العلوم النظرية والمعارف العلمية.

وعزا تركمانى ازمة الثقافة العربية ايضا الى اسباب عديدة اخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية اهمها العلاقة الخاطئة او القطيعة العميقة بين اصحاب الراى واصحاب القرار.

وشدد على ان مجالات التغيير المطلوبة للتكيف الايجابى مع عصر العولمة يجب ان تشمل الاصلاح على اساس تعزيز مبدا الحرية والاختيار والاقرار بالنسبية والتنوع والاعتراف بالاخر وثقافة الدور او الواجب الحضارى.

ودعا الدكتور تركمانى الى التوقف فى العالم العربى عن استخدام الثقافة بوصفها جهازا من اجهزة السيطرة والمراقبة وتشكيل النفسية والعقلية القابلة للخضوع والاذعان حتى يتم الانتقال من ثقافة عربية فى خدمة السلطة الى ثقافة فى خدمة تغيير الانسان اولا وشروط حياته المادية والمعنوية والاجتماعية والسياسية والارتقاء بها الى مستوى الحياة الانسانية ثانيا كى لا يتحول الانسان العربى الى نسخة مشوهة ومترهلة من انسان النظم الشمولية التى يفترض انها اصبحت فى ذمة التاريخ كما قال.

واكد المفكر التونسى الحبيب الجنحانى بدوره على ضرورة الاسراع فى الاصلاح السياسى الشامل فى العالم العربى كشرط لضمان الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية التى بدونها لا يمكن للثقافة العربية ان تنهض وللفكر العربى ان يبدع.

اما الدكتور عبد السلام المسدى الذى ادار الندوة فقد نوه بدور الكويت الريادى فى نشر الثقافة العربية وتعزيزها على مر العقود مشيرا فى هذا السياق الى الاصدارات الثقافية والعلمية الكويتية الغزيرة القيمة كمجلة (العربى) وسلسلة (دار المعارف) التى ينهل منها المثقفون العرب فى سائر الاقطار العربية.

ونوه الدكتور المسدى بهذه المبادرة المشتركة من المكتب الاعلامى الكويتى بتونس والجمعية التونسية للدراسات الدولية في اقامة هذه الندوة الثقافية والفكرية العربية المتميزة معربا عن الامل فى استمرار مثل هذا التعاون والتواصل الفكرى والثقافى التونسى الكويتى خدمة للثقافة العربية. كما اكد مدير المكتب الاعلامى فى تونس خالد الخلفان فى كلمة ختامية للندوة على ان هذه التظاهرة تندرج فى اطار التعاون والتواصل الثقافى بين الدول العربية بشكل عام وبين الكويت وتونس بشكل خاص وتوثيق اواصر التاخى والتواصل بين المثقفين ورجال الفكر فى الكويت وتونس بما يعزز الابداع الفكرى والثقافى فى العالم العربى.

واقيم على هامش الندوة ركن اعلامى تضمن العديد من الاصدارات الاعلامية والثقافية الكويتية التى لقيت اقبالا كبيرا من جانب المشاركين والحاضرين فى الندوة لاسيما الاعداد الاخيرة من مجلة (العربى) ومجلة (تواصل) التى يصدرها المكتب الاعلامي الكويتي بتونس اضافة الى بعض الاصدارات المعرفية والعلمية القيمة الاخرى.

  

 

أعلى الصفحة